هنا الخبر
في ظل أزمة سياسية تهز أركان الحكومة الألمانية بعد انهيار الائتلاف الثلاثي الذي يضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الخضر، والديمقراطيين الأحرار، تصاعدت الأصوات المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة. لكن قيادات الحزب الاشتراكي الديمقراطي ترفض هذه الفكرة، وتصفها بأنها غير واقعية نظرا للتحديات الفنية والتنظيمية التي تحول دون تنفيذها في يناير/ كانون الثاني المقبل.
زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي، فريدريش ميرتس، لم يتردد في ممارسة الضغوط على المستشار أولاف شولتس، مطالبا إياه بطرح مسألة الثقة في البرلمان الأسبوع المقبل. ويعني ذلك في حال الموافقة على المقترح، ضرورة إجراء الانتخابات في موعد أقصاه بداية فبراير 2025. وطالب حزب الاتحاد المسيحي (يضم الاتحاد الديمقراطي المسيحي/ الاتحاد الاجتماعي المسيحي) المعارض في ألمانيا، المستشار شولتس بإجراء تصويت فوري على الثقة بالحكومة في الجمعية الاتحادية (البوندستاغ)، في موعد أقصاه الأسبوع المقبل، بحسب ما نشرت القناة الإخبارية الألمانية الثانية.
وقال ميرتس إن تحالف “إشارة المرور” المكون من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، انتهى الليلة الماضية، وأن ذلك يعني انتهاء دورته التشريعية. و”إشارة المرور” هو تحالف يحكم ألمانيا منذ ديسمبر/ كانون الأول 2021 بزعامة المستشار أولاف شولتس.
وذكر ميرتس أنه لا يوجد أي سبب يدعو لتأجيل تصويت الثقة إلى يناير/ كانون الثاني المقبل، مؤكدا أن الحكومة لا تتمتع بالأغلبية في البوندستاغ. ولفت إلى أن الكتلة البرلمانية لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني، والاتحاد الاجتماعي المسيحي، قررت دعوة شولتس لإجراء تصويت على الثقة فورا، وفي موعد أقصاه الأسبوع المقبل، وأن الرئيس فرانك-فالتر شتاينماير، يمكنه بعد ذلك حل البرلمان في غضون 21 يوما.
وأوضح أن الانتخابات العامة يمكن أن تجرى في الأسبوع الثاني من يناير، وأنه “لا يوجد سبب للانتظار حتى الربيع”.
وميرتس هو مرشح حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي لمنصب المستشار، قال إنه سيلتقي شولتس في وقت لاحق الخميس، وسيطلب منه تمهيد الطريق للانتخابات.
بيْد أن المستشار شولتس تمسك بموقفه القاضي بطرح الثقة في يناير، مما قد يؤجل موعد الانتخابات إلى مارس، في حال قرر الرئيس الاتحادي حل البرلمان.
والأربعاء، أقال شولتس وزير المالية كريستيان ليندنر بسبب خلافات حادة حول الإصلاحات الاقتصادية، وأعلن للصحافيين أنه سيطلب تصويتا على الثقة من الجمعية الاتحادية في 15 يناير 2025.
وجاء إعلان شولتس عقب تصدع الائتلاف الحاكم المكون من 3 أحزاب هي الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر.
وقال شولتس: “سيكون بوسع أعضاء البرلمان أن يقرروا ما إذا كانوا سيمهدون الطريق لإجراء انتخابات مبكرة أم لا، حيث يمكن إجراء هذه الانتخابات في موعد أقصاه نهاية مارس/ آذار المقبل”.
وقرر الحزب الديمقراطي الحر، برئاسة كريستيان ليندنر، سحب جميع وزرائه من الحكومة ومغادرة الائتلاف.
عقبات تنظيمية تعيق الانتخابات المبكرة
من جهته، أوضح النائب أندرياس شفارتس، الذي لديه خبرة في تنظيم الانتخابات المحلية، أن إجراء انتخابات في يناير يعد مهمة شبه مستحيلة. وقال شوارز: “من الصعب للغاية تصور تنظيم انتخابات خلال تلك الفترة حتى لو عمل الموظفون في البلديات بشكل مكثف بين عيد الميلاد ورأس السنة”.
وفقا لمصادر لمجلة شبيغل الألمانية حصلت عليها من داخل الحزب، تم إعداد مسودة جدول زمني توضح أنه:
– إذا طرحت مسألة الثقة الأسبوع المقبل، ينبغي للرئيس الاتحادي حل البرلمان بحلول 4 ديسمبر على الأكثر.
– الانتخابات يجب أن تُجرى في موعد أقصاه 2 فبراير/ شباط.
– بطاقات الاقتراع للتصويت البريدي يجب تجهيزها بحلول 22 ديسمبر، وعادةً ما تُطبع وتوزع قبل ذلك بأسبوعين.
– مكاتب الانتخابات يجب أن تنتهي من مراجعة جميع الترشيحات ومحاضر مؤتمرات الترشيح بحلول بداية ديسمبر.
– الأحزاب بحاجة إلى تقديم قوائم مرشحيها بحلول نهاية نوفمبر.
شفارتس لم يخفِ سخريته من تصريحات ماركوس زودر، رئيس وزراء بافاريا وزعيم حزب CSU، الذي طالب بإجراء انتخابات في يناير وأعلن في نفس الوقت أن حزبه سيقرر قائمته الانتخابية في ديسمبر أو يناير. وقال شوارز: “هل يلاحظ أحد التناقض في تصريحاته؟”.
رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، رولف موتسنيش، استنكر مطالب المعارضة، واصفا إياها بأنها مجرد “ضجة إعلامية” تفتقر للواقعية، خاصة في ظل الحاجة إلى استكمال مشاريع أساسية بالتعاون مع الاتحاد، مثل تعديل سياسات الضرائب وتخفيف أثر التضخم.
أهمية الإعداد الجيد للانتخابات
البرلمانية الاشتراكية الديمقراطية جيسيكا روزنتال، دعت إلى التركيز على تحضير الانتخابات بشكل دقيق بدلا من الاستعجال غير المدروس. وقالت: “من الضروري أن تكون الانتخابات جاهزة ومُحكمة التنظيم، وأيضا أن نضمن اتخاذ قرارات حاسمة قبل إجراء أي اقتراع. التركيز على الموعد فقط لا يعبر عن حقيقة الموقف”.
من جانبه، أكد النائب سيباستيان رولوف، المحسوب على التيار اليساري، أن الانتخابات المبكرة جدا تفتقر للمنطق والوقت الكافي. وأضاف: “المستشار هو من يحدد موعد طرح الثقة، لكن من غير المعقول توقع انتخابات فورية. الاستعداد يتطلب وقتا، كما أن الأسابيع المخصصة للحملات الانتخابية ومناقشة البرامج السياسية تلعب دورا مهما في توعية الناخبين”.
بهذا، يبقى المشهد السياسي في ألمانيا غامضا، وسط تجاذبات بين الضغط لإجراء انتخابات مبكرة، والواقع الذي يفرض انتظار تحضيرات أكبر تضمن عملية انتخابية نزيهة وشفافة.
Comments ( 0 )